سعد الفويه / يوم زفاف ابنته

إلى بنتي الغالية يوم زفافها
أيا أنتِ يا قطعة من فؤادي
ويا فرحتي في نجاحي بُعَـيـد اجتهادي
ويا لغة الورد
يا أمل الغد
يا بهجة الودِّ
يا شربة الماء من نبع وادي ..
أ أنتِ التي كنتِ منذُ قليل صغيرة
وقد كنتِ تأتين في أعين الكل مثل الأميرة
أ أنتِ التي كنتِ أحضنها في رموشي
أ أنتِ التي كنتِ أغنيتي ورتوشي
أ أنتِ التي من تملكت قلبي تنامين فيه وتمشين فيه
أ أنتِ التي كنتُ أحمِلُها لعبة في يديَّ وألهو بها
أ أنتِ التي كنتِ أغنيتي إن تغنيت أشدو بها
أ أنتِ التي كنتِ سلواي أسلو بها
أ أنتِ التي كنتِ في بيتنا نفحة من ورود
أ أنتِ التي كنتِ في بيتنا قبلة في الخدود
أ أنتِ التي كنتِ في بيتنا درة في العقود
أيا أنتِ من كنتِ في بيتنا لاهية
لقد ذهبَ الوقتُ ثانية ثانية
فما أسرعَ الوقت يا غرسة غُرست
وأضحت وأغصانها دانية
وها نحن والعمر يمضي وتمضين يا غالية
فكم كنتُ ألقاك في غضبة من أسد
وتلقينني لفتة من غزال
وكم كنتُ أُدمَى بشوكٍ ولفحِ الهجير
فتلقينني لمسة من حرير
وكم كنتُ أهتزُّ رعداً وبرقاً وخسفا
فتَلقينَنِي همسة من حبيب وأخفى وأخفى
وحينا أناجيك حباً
ولطفاً
وهمسا .
وفي نظرة منكِ ألقَىَ سُرورِي وأُنسِى
فما كان يجعلني قاسياً غير حُبك
وما كان يجعلني باسماً غير حُبِك
فبالحب أقسو
وبالحب أرضى
فخوفي عليك يصيرني جمرة كاوية
وشوقي إليك يحولني جنة راضية
فلا بد في الحب حزم وزلة
ولا بد في الحب لين وقبلة
فلو تعلمين بما حملتْ كبدي من جبال
وما لذع القلبَ همُّ الليالي الطوال الطوال
وأنتِ تنامين في واحة الحُلُم الهانية
وتصحين في راحة وأمان مع القبل الحانية
وكم كنتُ يقتلعُ الحزنُ قلبي
وأنتِ وحلواكِ في ناحية
وها أنتِ قد جئتِ عالمَنا تركضين
أتيتِ إلى عالم الكدِّ والخوفِ في حشده تأملين
ولو تعلمين بما نحن فيه من الهمِّ لم تأملي
ولو كان في يدك العمر لم تـَكبري
أتيتِ تجوبين درباً طويلا مخيفاً
يسمى طريق الأبوة
أتيتِ لتنهي زماناً جميلاً
يسمى زمان الفتوة
ففيما غدٍ سوف تدرين
فيمَ غضبنا
وفيمَ سعدنا
وفيمَ قسُونا
وقد صرتِ في موقع نحن فيه
فيا زادك الله عزما
وحزما
وقـوة
تأملتُ في السوق أغلى هدية
لأجعلها فوق كفيكِ عند الفراق
وانثرها تحت رجليكِ رمز اشتياق
فأبصرتـُها كلها لا تدوم
وألفيتـُها بعض دنياً تزودنا بالهموم
ولكنني سوف أُهدي ولا شك أغلى هدية
فرصِّي هداياكِ ولتنظري
فقد هبتُكِ
الروحَ والقلبَ مني عطية
فقدمتُ بالفعل أغلى هدية
وإن قـل ماهبتُ يا بنتِ فلتعذري
كتبتُ شعوري دماُ في ورق
وقد فاض دمعيَ حتى خشيتُ الغرق
غسلتُ بدمعي هموم التنائي
ولولاه يا مهجتي لاحترق
فيا من خلقتَ الفراقَ ولأواءَهُ
أعنِّي على حزَنِي والأرق
أعنِّي على حزَنِي والأرق
--------------------------
أبوك الحزين في 27/6/1425هـ