حينما يفقد الشئ بريقه فلا يكون ذا تأثير ولا أثر, نتمنى أن نحقق التوازن قسراً, فهذا لا يحدث أبداً سيما في نمو علاقاتنا الإجتماعية الخاص منها والعام .
إن من أخص العلاقات وأشدها حاجة إلى الرعاية والعناية :الأخوة .
فهي من أرق العلاقات وأقواها وأقدرها على البقاء ومواجهة المصاعب يداً بيد , يمضي الأخ بأخته إلى جنة أخوية من التفاهم والوداد والتراحم يداً بيد تمضي الأخت بأخيها إلى جنة أخوية من التآلف والتآخي والتناصح علاقة ولا أسمى , وجديرة بنا أن نحرص على توثيقها في زمن أصبحت العلاقات فيه مهزوزة , متصدعة , كل نائبة تكسر زاوية فيها ..
الأخوة من أقوى العلاقات وأقربها لكنها تتوتر وتتنافر في بعض الحالات ويصبح بين الإخوة حواجز فولاذية فينقطع الاتصال، ويتراكم الجليد فتبرد المشاعر الحارة بينهم، وتختفي معاني الأخوة والتصافي بينهم.
لهذه الحالة أسباب ومقدمات منها:
-الغيرة بين الأبناء ـ التفرقة بينهم في التعامل ـ كونهم غير أشقاء -الفروق الفردية في الذكاء والمال
-المقارنة المستمرة بين الأبناء من الأهل.
وهناك بعض العناصر قد تؤتي إلى تباعد الإخوة عن بعض مجملة في أسلوب التعامل الذي تربى عليه الأبناء وعدم توجيه الآباء ونقصان الفهم في معنى الاحتواء العاطفي والحاجة لأن يكون البنيان الأسري مرصوص .
إن التعامل الإيجابي بين الإخوان هو ما استوحاه المرء من دينه الذي يعمق الأواصر ويربطها ويضبطها وإن قليلا من ادّكار ما ساقه الله وما جاء على لسان رسوله في معرفة ما يفعم ويبسط هذه العلاقة هو حقيق بالنظر والتأمل بل والتطبيق ليس القولي بل العملي المتفاعل قال الله عز وجل على لسان موسى : ( واجعل لي وزيراً من أهلي , هارون أخي ) إن التوزان من الدين ..وإن العدل من الدين ..وإن الروح المتسمة بالحكمةِ من الدين ..
هاهم أولادنا أخواتنا شجرة الحب .. الإخاء .. الوفاء .. الجلوس مع بعضهم .. مشاركة هموهم فيما بعضهم .. السؤال عند غياب بعضهم أو تخلف أحدٌ منهم .. الإبتسامة تصنع الأعاجيب .. اشعلوها في بيوتكم ترون العجب العجاب ..
يُعجبني ذاك الشاب .. يرقبُ إخوانه يتلمس حاجاتهم يكون قريباً منهم .. ينتقي أجمل العبارت .. صادقة من قلبه الفياض ..
يُعجبني كثيراً كثيراً حينما يُساعد أخاه وهو على عملهِ يعمل مشغول .. لكن الأخ لايؤخره عن ذلك .. ولا يُقدم زملاءه على أخاه ..
عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا خَرَجَتْ فِيمَا كَانَتْ تَعْتَمِر فَنَزَلَتْ بِبَعْضِ الْأَعْرَاب فَسَمِعَتْ رَجُلًا يَقُول أَيّ أَخ كَانَ فِي الدُّنْيَا أَنْفَع لِأَخِيهِ ؟ قَالُوا لَا نَدْرِي قَالَ أَنَا وَاَللَّه أَدْرِي ؟ قالَتْ فَقُلْت فِي نَفْسِي فِي حَلِفه لَا يَسْتَثْنِي إِنَّهُ لَيَعْلَم أَيّ أَخ كَانَ فِي الدُّنْيَا أَنْفَع لِأَخِيهِ قَالَ مُوسَى حِين سَأَلَ لِأَخِيهِ النُّبُوَّة فَقُلْت صَدَقَ وَاَللَّه قُلْت وَمِنْ هَذَا قَالَ اللَّه تَعَالَى فِي الثَّنَاء عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام " وَكَانَ عِنْد اللَّه وَجِيهًا " .
مالذي نحتاجه إذن؟
إن إدخال السرور والبهجة على المسلم هي صدقة يحبها الله وإن من مقررات الشريعة أن خير الصدقة ما كان على أهلك وإن خيرية المرء مرهونة بخيريته لأهله كما قال عليه الصلاة والسلام : ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) و إن إعطاء اخواننا قدرا من المسؤولية والصبر على أخطائهم مع تقويمها برفق وتؤدة وروية خير وأبقى من البت والقطع و إن الترايب والتشاكّ بينهم ليفسد كل علاقة وتجهز على كل محاولة بناء وإصلاح فالتربص والترقب والتعقب لا يكون من ديدن من يريد الإصلاح ما استطاع ، بل هو من قبيل الفوضى الذاتية التي تهدم وتخرم كل مسببات النجاح المأمول ، ولا أعني أن تكون سذج ، بل الأمر هو إشاعة الثقة وحسن الظن في التعامل فلنورث أخوتنا خلق الأنبياء ولنعلمهم ذلك ولنحلم عليهم ولنصبر حتى يفتح الله قلوبهم .
رابطة الأخوة بين الأبناء تقوم على أساس العلاقة النسبية والعقيدية، وعلاقة العيش في ظلال الأبوين في بيت واحد .. وبذا فهي رابطة قوية متينة، وتعميقها وترسيخها دليل على تفهم الأخوان لمعنى الأخوة، ودليل على رقيّ وضعهم الأخلاقي.
لذلك لابد أن نسعى وأن نتكاتف , ويداً بيد لنصل إلى بر الأمان الأخوي فرغم أن الأخوة في الأسرة يعيشون متفاوتين في السنّ والجنس (ذكوراً وإناثاً)، وفي المستوى الثقافي والفكري ..
وفي الحالات النفسية والصحية والميول والمؤهلات الذاتية ..
إلا أن العيش في الأسرة يتطلب منهم جميعاً أن يكونوا منسجمين ..
إن الانسجام يتحقق في الحب والإيثار، والتحية، والهدية، والاحترام المتبادل، والتعاون، وتناول الطعام في مأدبة مشتركة، والتفاهم من خلال الأحاديث الودية ..
والعفو والتسامح في حال حدوث المشاكل بينهم، والعمل على حلها عن طريق التفاهم ..
لنصدَق مع أنفسنا الآن , فنحن في لحظة تجلي لنكون على علاقة أخوية رائعة:
* هل لإبتسأمتي مكان في قلبك يا أخي ؟
أي والله لها أثر وابتسامة القلوب هي الفاعل الأول الفعّال ..
إن التعاون بين الأخوة في الأسرة، عنصر أساس من العناصر التي توفر السعادة، وجو الانسجام في الأسرة، وتجلب بركة الرحمن للجميع ..
إن الحياة في داخل الأسرة، هي حياة محبة وتعاون وإيثار، ويتحقق ذلك بالكلمة والمشاعر الطيبة،وبالمال، وبالتعاون في المجالات الأخرى ..
ومن وسائل تجنب المشاكل، هي الابتعاد عن إثارة الآخر، أو إزعاجه، لا سيما إذا كان في وضع نفسي أو عصبي متوتر بسبب مشكلة يعانيها.
إن بعض أبناء الأسرة قد يكون عصبياً، أو حساساً، ووضعه في الأسرة يثير مشاكل مع بعض إخوانه أو أخواته، أو قد يتكون عنده شعور غير صحي تجاههم، وقد يطلق كلمات جارحة، أو يقوم بعمل مثير للغضب ..
وقد يرد الأخ على أخيه بالمثل، فعندئذ تتوتر العلاقة في الأسرة، وتتعقد الأجواء، وتتطور المشكلة ..وعندما تحدث مثل هذه الحالات ينبغي تقدير ظروف الأخ، أو الأخت النفسية، أو العصبية، وأن يُقابَل الغضب والانفعال بهدوء، ودونما مواجهة، ثم نعود بعد فترة ساعات، أو في اليوم التالي، فنبحث معه المشكلة المباشرة، أو من خلال أحد الأبوين أو الأخوة، أو الأصدقاء .. ونعمل على حلها ..
إن العفو والتسامح والسيطرة على النفس عند الغضب، موقف أخلاقي يكشف عن قوة الشخصية، وسلامة النفس من الحقد والروح العدوانية ..
لقد امتدح القرآن الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، واعتبر ذلك إحساناً منهم وعطفاً على الآخرين ..
قال تعالى: (الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) آل عمران/ 134.
والهدايا بين أفراد الأسرة تجلب المحبة وتوطد العلاقة، فالهدية تعبر عن شعورك تجاه الآخر، كما تعبر عن الاهتمام والتكريم، والرغبة في الود.
لذا نجد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول:
(تهادوا تحابوا).
* ظلمة رحم جمعتنا , ونور دين زاد من ألفتنا ..فلم الصدود ؟ الأخوة ليست أخوة دم وحسب .بل هي الأخوة في الله قبل كل شيء ..
.. ولقد تذكرت عظم صنيع الحبيب عليه الصلاة والسلام حينما آخى بين المهاجرة والأنصار ..
فكان نتاج ذلك إلى اليوم ..
ما أعظم الأخوة في الله وما أوثق عرى المحبة لكن إن كانت الأخوة في الله بين شقيقين ..
فلا أجد غير أن أقول :هنيئاً تلكم الأخوة ..
أخيراً
سأل أحد السلف رحمهم الله تعالى : أيّهما أحبّ إليك صديقك أم أخوك؟ فأجاب: إنّما أحبّ أخي لأنّه صديقي!)
منقول للفائدة والعمل به