ماقاله العرافة الدوسي عن رجال قبيلة طيّ :ـ
خرج خمسة نفر من طيء من ذوي الحجا والرأي : منهم
أ ـ
بُرجُ بن مُسهر وهو أحد المعمرين .
ب ـ
أُنَيفُ بن حارثة بن لأم .
جـ ـ
عبد الله بن سعد بن الحشرج أبو حاتم الطائي .
د ـ
عارف الشاعر .
هـ ـ
مُرّة بن عبد رُضى .
خرجوا يريدون سواد بن قارب الدّوسي ليمتحنوا علمه ، فلما قَرُبوا من السّرَاة قالوا : ليَخبَأ كُلُّ رجل منا خبيئاً ولا يخبر به صاحبه ليسأله عنه ، فإن أصاب عرفنا علمه وإن أخطأ ارتحلنا عنه ، فخبأ كل رجل منهم خبيئاً ثم صاروا إليه فأهدوا له إبلاً وطُرفاً من طُرف الحيرة ، فضرب عليهم قُبّة ونحر لهم .
فلما مضت ثلاثٌ دعا بهم فدخلوا عليه ، فتكلم بُرج وكان أسنهم فقال :
جادك السحاب ، وأمرع لك الجناب ، وضفت عليك النعم الرغاب ، نحن أولو الآكال ، والحدائق والأغيال ، والنّعَم الجُفال ، ونحن أصهارُ الأملاك وفرسان العراك ـ يورّي عنهم من بكر بن وائل .
فقال سواد :
والسماء والأرض والغمر والبرض ، والقرض والفرض ، إنكم لأهل الهضاب الشُم ، والنخيل العُم ، والصخور الصُمّ ، من أجأ العيطاء ، وسلمى ذات الرقَبة السطعاء .
قالوا : إنا كذلك ، وقد خبأ لك كل رجل منا خبيئاً لتخبرنا باسمه وخبيئه .
فقال لبرج :
أقسم بالضياء والحَلَك ، والنجوم والفلك ، والشروق والدلك لقد خبأت برثن فرخ ، في إعليط مرخ ، تحت آسرة الشرخ .
قال : ما أخطأت شيئاً فمن أنا ؟
قال :
أنت برج بن مُسهر ، عُصرَةَ المُعمر ، وثمال المُحَجّر .
ثم قام أُنيف بن حارثة فقال : ما خبيئي وما اسمي ؟
فقال :
والسحاب والتراب ، والأصباب ، والأحداب ، والنّعم الكُثاب ، لقد خبأت قطامة فسيط ، وقذّة مريط ، في مدَرةٍ من مديّ مطيط .
قال : ما أخطأت شيئاً فمن أنا ؟
قال :
أنت أُنيف ، قاري الضيف ومُعمِل السيف ، وخالط الشتاء بالصيف .
ثم قام عبد الله بن سعد فقال : ما خبيئي وما اسمي ؟
فقال سواد :
أقسم بالسوام العازب ، والوقير الكارب ، والمُجّد الراكب والمشيج الحارب ، لقد خبأت نُفاثة فنن ، في قطيع قد مرن ، أو أديم قد جرن .
قال : ما أخطأت حرفاً ، فمن أنا ؟
قال :
أنت بن سعد النّوال ، عطاؤك سجال ، وشرّك عُضال ، وعَمَدُك طِوال ، وبيتك لا ينال .
ثم قام عارف فقال : ما خبيئي وما اسمي ؟
فقال سواد :
أقسم بنفنف اللوح ، والماء المسفوح ، والفضاء المندوح ، لقد خبأت رقعة طلاً أعفر ، في زعنفة أديم أحمر ، تحت حلس نضوٍ أدبر .
قال : ما أخطأت شيئاً ، فمن أنا ؟
قال :
أنت عارف ذو اللسان العضب ، والقلب النّدب ن والمضّاءُ الغرب ، منّاع السرب ، ومبيح النهب .
ثم قام مُرّة بن عبد رضى فقال : ما خبيئي وما اسمي ؟
فقال سواد :
أقسم بالأرض والسماء ، والبروج والأنواء ، والظلمة والضياء لقد خبأت دمّة في رمّة تحت مثيط لمّة .
قال : ما أخطأت شيئاً ، فمن أنا ؟
قال :
أنت مُرّة السريع الكُرّة ، البطيء الفرّة ، الشديد المرّة .
قالوا : فأخبرنا بما رأينا في طريقنا إليك .
فقال : والناظر من حيث لايُرى والسامع قبل أن يُناجى ، والعالم بما لا يُدرى لقد عنّت لكم عُقاب عجزاء ، في شغانيب دوحة جرداء ، تحمل جدلا ، فتماريتم إما يداً وإما رجلا .
فقالوا كذلك ، ثمّ مَهْ ؟
قال : سنَحَ لكم قبل طلوع الشرق ، سيدٌ أمَقّ ، على ماء طرق .
قالوا : ثم ماذا ؟
قال : ثم تيسٌ أفرق ، سند في أبرق ، فرماه الغلام الأزرق ، فأصاب بين الوابلة والمرفق .
قالوا : صدقت ، وأنت أعلم من تحمل الأرض ، ثم ارتحلوا عنه ، فقال عارف الطائي :
ألا لله علمٌ لا يُجارى = إلى الغايات في جنبَي سَوادِ
أتيناهُ نُسائلهُ امْتحاناً = ونحسبُ أن سيعمدُ بالعنادِ
فأبدى عن خفيٍّ مُخبآتٍ = فأضحى سرُها للناس بادي
حسامٌ لا يليق ولا يُثأثي = عن القصد المُيمّم والسدادِ
كأن خبيئنا لما اننجنينا = بعينيه يصرّح أن ينادي
فأقسم بالعتائر حيث فلسٌ = ومن نسك الأقيصرم العبادِ
لقد حُزت الكهانة عن سطيح = وشق والمرفل من إياد