تكلم الكثير عن كون الرميلة أو ( ذبحة العقدا ) حسب ما هو متعارف عليه لدى قبيلة الظفير و هي تعد من مفاخر القبيلة حسب نظري لتمكن اعداد قليلة من القبيلة ( جزء من العريف و مجموعه بسيطة من الظفير ) من صد قبيلة عنزة المهاجمة والتي تمتلك كثرة عددية و تصميم على تحقيق مكاسب من هذة الغزوة بقيادة كرب ابن هذال . وقد أشبع هذا الموضوع في المنتدى من قبل الزملاء ولهم جزيل الشكر و تمت تغطية الموضوع من جميع جوانبه – اسباب المعركة – سير المعركة – نتائج المعركة بالإضافة للقصائد التي قيلت بعد المعركة والتي توضح الأفعال البطولية التي تمت .
و لكني هنا سأتكلم عن هذة المعركة من جانب أخر لم يتم التطرق له من قبل – ألا و هو الجانب الإنساني أو الأمور التي تحصل في المعارك و لا يتم الانتباه لها بل يتم التركيز على الأمور الرئيسية.
أبطال هذة القصة هم جالي بن جريد الكثيري – العريفي – العنزي
.
في أثناء معركة الرميلة كان جالي بن جريد من المشاركين في هذة المعركة و هو من الفرسان المعروفين في القبيلة ومن المشهود لهم . و كان يحضى بالتقدير و الاحترام من رجال القبيله شأنه شأن غيرة من الفرسان . لاحظ بن جريد أثناء سير العركة أن أحد فرسان قبيلة عنزة المهاجمين يعتزي بإسم معشوقتة و هذا شأن الكثيرين في تلك الأيام و يأتي بأفعال تدل على شجاعتة و و تصميمة لإيضاح فعله في المعركة حتى تصل الأخبار لمعشوقته عن شجاعتة.
فلفت نظر ابن جريد بأفعالة و لكن ابن جريد كان مشغولا في المعركة و لكن بقى هذا الشخص بذاكرتة.
وبعد إنجلاء غبار المعركة و إنتصار العريف – و كان أغلب المهاجمين بين قتيل أو مصاب أو هارب أو أسير ( منيع )
تذكر ابن جريد الشخص العنزي ( الشجاع العاشق ) ولم يكن يعرف عنه شيئا سوى شكله و شكل ذلولة – فأخذ يسأل عن الرجل بأوصافة حتي تبين أنه منيع لدى أحد رجال العريف . فذهب ابن جريد الى العريفي و دار بينهم هذا الحوار.
ابن جريد : طلبتك .
العريفي : إطلب يا بن جريد و أبشر بسعدك .
ابن جريد : تعطيني منيعك هذا . ( و أشار على العنزي – لأنه لا يعرف إسمه ).
العريفي : تستاهل يا ابن جريد.
ابن جريد : وطلبتك سلاحه و ذلوله يأخذهن معه .
( حسب أعراف المنع عند البدو أن المانع آي العريفي سيأخذ السلاح و الذلول مكسبا له )
العريفي : ما هو كثير عليك يا بن جريد و تستاهلهن.
بعد ذلك قام ابن جريد بشكر العريفي و قام بتجهيز العنزي بزهاب و غادر العنزي عائدا الى قبيلتة.
بعد عدة سنوات ..................
غزا جالي بن جريد و كان هو العقيد و لم يتوفقوا في هذة الغزوة و في طريق عودتهم الي ديارهم شاهدو مجموعه من البيوت فأرادو أن يمرو عليهم فتفرقت مجموعة ابن جريد على البيوت حتي يستطيع أهل هذة البيوت القيام بواجبات الضيافه.
ذهب ابن جريد الي أحد البيوت و معه عدة أشخاص وعند اقترابة من البيت رحب بهم صاحب البيت و تعرف على ابن جريد و سأله ألست ابن جريد فأجابه نعم و سأله ألم تعرفني فأجاب لم اعرفك فقال صاحب البيت أنا الرجل الذي ساهمت بخلاصي وأعطيتني سلاحي و ذلولي . فأخذ صاحب البيت ينادي علي زوجته من وراء الستار بأن تزيد بالعشاء لأن ضيفهم شخص غير عادي فهو الذي سبق أن كلمتك عنه و هو الذي ساهم بزواجنا حيث أن ابن عم الزوجة قتل في معركة الرميلة وكان المقتول ( محير – محجر ) ابنة عمة و بعد مقتلة استطاع ( الشجاع العاشق ) أن يحصل على معشوقتة.
تم إكرام ابن جريد و ربعه من قبل العنزي و عادو الى ديارهم سالمين .
بعد انتهاء القصة لنلاحظ العبر المستفادة.
تقدير الشجاعة : إعتاد الفرسان على تقدير الرجل الشجاع حتى لو كان عدوا . و عرفنا من خلال القصة بأن العدو قد أصبح صديقا. ابن جريد أعجب بشجاعة العنزي و تدخل لفك أسره رغم أنه لا يعرفه.
( إذا أكرمت الكريم ملكته ).
تقدير الفرسان: مروءة الرجل العريفي و تقديرة لإبن جريد علما أن ذلول و سلاح العنزي حق مكتسب حسب الأعراف المتبعه في ذلك الوقت.
تقدير المعروف : حيث أن العنزي لم ينسى ما فعله له ابن جريد و قد أبلغ أبناء عمه بذلك و كذلك زوجته.
تاريخنا زاخر بمكارم الأخلاق و المروءة و الشهامة – و ليس كله غزوات و حروب و ثأر . علما بأن هذة الأمور ليست عيبا و لكن هي ظروف ذلك الزمان الجميل الذي نرى فيه ماضي أجدادنا. و ما أجمل ذلك الزمان.