نبذه مختصره عن الاميرمحمدبن احمد السديري(رحمة الله عليه)
هو الأمير المرحوم ـ محمد بن أحمد بن محمد السديري ـ شاعر علم ـ أصلة من ((الدواسر)) القبيلة العربية الأصيلة
يشكل محمد السديري بحد ذاته مرحلة من المراحل التي مر بها الشعر النبطي فقد ربط القديم بالحديث وبه اتصل التراث واستمر . . . وله يرجع الفضل بتعليق الكثير من الشباب بالشعر النبطي من خلال تعلقهم بشعره ومحبتهم له
صدر له بحياته : (( الملحمة الزائدية )) قصيدة واحدة وضعت في كتاب منفرد باعتبارها من دور الشعر النبطي جاءت شاملة جامعة بدأها الغزل ثم الفخر والحماسة ثم الحكم والمواعظ ومعالجة شئون الحياة ثم النصح والإرشاد
وصدر له أيضاً بحياته (( الدمعة الحمراء )) وهى أول تجربة من نوعها بالشعر النبطي كانت عبارة عن قصة حب بين ((شيمة ووافي)) تحول العادات والتقاليد بينهما . . . عالجها رحمه الله بالشعر النبطي بأسلوب مميز لم يسبق له مثيل فنجح بها نجاحاً عظيماً وكان أول من أدخل أسلوب الرواية المتكاملة أو الأسلوب القصصي المسرحي على الشعر النبطي
كما صدر له مؤلف (( أبطال من الصحراء )) قصص شخصيات تاريخية من الأبطال الشعراء الذين شهد لهم بشجاعتهم . . . كتب سيرة حياتهم والمواقف الخالدة بحياة كل منهم وأشعارهم النبطية التي قيلت بالمناسبة
كان يعد رحمه الله قبل وفاته ديواناً باسم (( حداوى الخيل )) ولكنه توفي قبل إتمامه وصدر له بعد وفاته ((ديوان محمد السديري)) يحوي مجموعة لا بأس بها من أشعاره
ولد رحمه الله سنة 1915م على وجه التقريب ببلدتهم الغاط بنجد حيث كان والده أميراًَ لها وتوفي سنة 1979م أثر أزمة قلبية حادة ألزمته الفراش ما يقرب من شهر . . . وكان آخر ما نطق به بحياته شعراً حين قال :
سلطان شفت الموت مرة ومرة
والثالثة شفته كشّرلى بنابـه
ما بيه لكنه بلاني بشرهـزودٍ
على خيله ركب لـب ركابـه
لو ظهر لي في صحاصيح بـر
هوالله أنا يابوك لعطب صوابه
ظهر محمد السديري رحمه الله في فترة كان فيها الشعر النبطي بانحدار قاتل فارتقى به إلى القمة حيث استطاع بعظمته الأدبية أن يضع بصماته الواضحة على مسيرة الشعر النبطي من خلال المساهمة الفعالة في كل المجالات الأدبية ومن خلال روائع من منظومات فتحت أمام شعراء النبط آفاقاً جديدة رحبة فعاد الشعر النبطي بـ((محمد السديري)) إلى مكانته السابقة وقد كانت بداية الانطلاقة الجديدة التي تجاوبت معها الجماهير في أنحاء جزيرة العرب بقصيدته الخالدة والتي منها نقتطف هذه الأبيات
يا عل قصرٍ مايجي لـه ظلالـي
ينهار من عالي مبانيه للسـاس
لا صار ما هو مدهـلٍ للرجالـي
وملجا لمنهو يشكي الضيم والباس
البوم في تالـي خاربـه يلالـي
جزاك يا قصر الخنا وكر الادناس
لا خاب ظنك بالرفيـق الموالـي
ما لك مشاريهن على باقي الناس
وتتفاعل الجماهير مع هذه القصيدة ويعلن للناس في كل مكان أن هناك أدباً أوشك على النهاية ويلتفت الناس لهذا الأدب ويستمر العطاء فينتشر شعره بين الناس ويبدأ الكثير من الشعراء تقليده والسير على نهجه ويطلق رائحته الأخرى التي وصل بها للقمة وراحت مضرباً للمثل بين الناس لما تحويه من المعاني الجديدة والتي يقول فيها . .
كم واحدن له غايتن ماهرجهـا
يكنها لو هـو للأدنيـن محتـاج
يخاف من عوجا طوالٍ عوجهـا
هرجة قفا يفرح بها كـل هـراج
يقضب عليك المخطية من حججها
حلوٍ نباه وقبله أسود من الصاج
الله خلق دنيـا وسـاع فججهـا
عن ما يريب القلب لك كم منهاج
رجلك الياشطت لياليـك سجهـا
عساتو إليهـا تبشـر بالأفـراج
ولم يتوقف رحمه الله عند حد معين في السماء الشعري بل كانت شاعريته تتدفق لتثري جميع فنون الشعر النبطي فكنت تلمس إجادته وتمكنه في كل معنى يتطرق إليه
فقد كان شاعرنا وجدانياً رقيقاً يداعب أرق المشاعر في غزله كقوله من قصيدة له هذه الأبيات
إن قلت وإن ما قلت وإنكان أبقول
ما لي سوى مضنون عيني ملاذي
أفديه بالروح العزيز ومـا طـول
وعيوني الثنتيـن هـذي وهـذي
وإن مت في حبه فأنا أعز مقتلول
إن رشني من دمع عينـه رذاذي
وكان رحمه الله حريصاً كل الحرص على الشعر النبطي غيوراً عليه محباً للشعر فجمعهم حوله وقربهم وأرشدهم وشجعهم فجدد بذلك مسيرة الشعر النبطي فترة طويلة وأعطاها من قلبه وروحه فخلد اسمه
لولا الهرم والفقر والثالث المـوت
يالادمي بلكـون ياعضـم شانـك
سخّرت ذرات الهوا تفهم الصـوت
وخليتها اطوع من تحـرك بنانـك
جماد تكلمها وهي وسـط تابـوت
تاخذ وتعطي ما صدر من بيانـك
وعزمت من فوق القمر تبني بيوت
من يقهرك لوهو طويـل زمانـك
لولا الثلاث وشان من قّر الفـوت
نفّذت كـل اللـي يقولـه لسانـك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر/ عبدالله الروقي
|