بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه
والحمدلله على ما ابتلانا وجعلنا من المسلمين حمدا طيبا كثيرا مباركا به
ولا اله الا الله حي لا يموت
ولا اله الا الله أحد صمد
هو الواجد الماجد العفو الغفور الرحيم والمنان الحنان الكريم
وهو سبحانه
الاول والآخر والظاهر والباطن ليس كمثله شي
تعالى الله في عليائه
ولما كانت سنة الحياة الابتلاء شرع الله الصبر جزاء للمحسنين
فاللهم صبرنا على هذه الدنيا الفانية
ولما كانت شهادة الحق مطلوبة فلم استطع ان اكتم ما رأيته في تلك الليلة المأساوية والجحيمية فأبدا بعد التوكل على الله وهو النصير سبحانه ونعم النصير
المشهد الأول :-
كانت النيران تستعر من أجساد الضحايا أطفالا ونساء وبعضن يتخبط ويتمرغ بين الجمر ومن حولهم صرخات المسنين والأطفال والشباب ممن كان حولهم بلا حول ولا قوة ولا يستطيعون اقتحام النيران من حلاوة الروح ومن صعوبة الوصول إلى كتل تراصت على كتل من جثث تتفحم من نساء لا ترى إلا سواد ممزوج بلون جمر يتوهج ليعلن شهادتهم حرقا بتلك الخيمة والتي كانت تحتوى كراسي حديدية اشتعلت لتنصهر حتى غدت كحميم البركان.
كنت قريبا من الحدث حتى قبل وصول رجال الإطفاء وهنا ابدأ لأكمل الشهادة وانا مسئول عنها باسمي وصفتي
ثلاث سيارات إطفاء وبثلاث خراطيم ماء وأول خرطوم لم تتدفق منه قطرة ماء والسبب ( غير معروف ) !
الخرطوم الثاني من السيارة القريبة من الحادث يتدفق منه الماء على مسافة متر واحد فقط والحريق على مسافة ثلاث امتار تقريبا والجثث المحترقة على مسافة 5 أمتار فلم يصلهم الماء والسبب ( غير معروف) أيضا !
وأما الخرطوم الثالث توجه الى إطفاء سيارة من نوع جيب كانت تشتعل فلم يتدفق منه الماء لمدة عشر دقائق تقريبا وكان رجال الإطفاء حائرين من السبب حتى عرفنا بأن السبب هو انحشار منتصف الخرطوم بعجلة سيارة كانت قريبة مما شكل انحراف بزاوية (90) للخرطوم مما أدى إلى عدم تدفق الماء والسبب الآخر إن ضغط الماء لم يكن قوي ليحول دون هذا الانحشار والمانع للماء فقمنا بمساعدتهم أنا ومجموعة من الرفاق ورفع الخرطوم لهم وذلك لان أعداد رجال الإطفاء الذين كانوا يتعاملون مع النيران بالحادث وقريبا منه 3 رجال !
قصور رهيب لدى ( المطافى ) فهم لم يستطيعوا اقتحام النيران ولا أيضا مساعدة المحترقين وكأن آلاتهم ومعداتهم لم تسعفهم لهكذا حريق وكأنهم غير مدربين للتعامل مع الصدمات فعندما رأيتهم يطفئون المركبة المشتعلة وقارنت تعاملهم مع الضحايا أيقنت بأنهم مدربين على إطفاء ( مركبة - حاوية قمامة مشتعلة - منزل مهجور - مخزن ) ولكنهم غير مدربين نهائيا على الإنقاذ والتعامل مع الصدمات حتى أن بعضهم قد انفعل بسلبية والآخر وضع يداه على رأسه مصدوم من الحدث وهو بالحدث والآخر افتعل مشادة كلامية قاسية مع رجال الأمن غاضبا وكأنه يريد أن يبرر قصوره وتخاذله بهكذا طريقه !
المشهد الثاني :-
انطفأت النيران تقريبا وبقيت منها جمار تناثرت بين الزوايا وكان داخل المنزل عشرات من نساء لم نعرف وضعهن بعد بعضهن صرعى وآخريات كأنهم شلوا شلل كامل وعدد منهن كأن شلل نصفي أصابهن فهم يتكلمون ويصيحون ولا يستطيعون التعبير وغشا الوجوه الذهول والسواد فلا تستطيع ان تميز أهي حروق أصابت وجوههن أم هي جروح بسيطة ومع اختلاط مشاعر الصدمة والذهول بالخوف والرعب الشديدين بدأن يهلوسون حتى أن أحدهن بعد تغطيتها ببطانية ليتم نقلها الى المستشفى وكانت محمولة على أكتاف الرجال وكأنها جثة هادمة أبت إلا الرجوع لأمها فانتفضت ولم يستطع أحد السيطرة عليها من صرخاتها وترجيها ولا حتى منعها من الرجوع مرة أخرى إلى المنزل وأخرى أمراه بالأربعينيات لاصقتها طفلة بعمر المراهقة المبكرة ممسكة بأحضان أمها وكأنها ملحومين بشدة ولا يستطيع اعتى الرجال عن تفريقهما عن بعض وحتى أن الأم لم تستطع التقدم لان واقع الصدمة قد سيطر على عقلها وشل تفكيرها فاضطررنا إلى الصبر عليهن وعلى خطواتهن البطيئة حتى يخرجوا من محيط الحريق وناهيك عن دموعهن وترجيهن الغير مفهوم فواحدة تهذري بأبنائها وترتجيك أن تبحث عنهم فتخبرك وتخبرها أختها أو قريبتها أن أبناءها في منزلها وهي لم تحضرهم الى العرس نهائيا ، حتى الرجال كان منهم من أنصرع وآخر قد أنشل وهو يبحث عن أهله فالمشهد كان جحيميا جدا.
المشهد الثالث :-
سيارات الإسعاف لم تكن كافية وان قال الإعلام عكس ذلك فهو كاذب والدليل أن العديد من الجرحى والمصابين نقلوا بسيارات خاصة وذلك بمساعدة الشباب فالشباب كانوا متجمهرين نعم ولكن بحاجة الى من يوجههم لان الكثير منهم من أهل الخير ولكن يحتاج الى التوجيه فعندما اتجهت اربع سيارات إسعاف ناقلة عشر مصابين تقريبا بدأ (الشباب بتوجيه من الشباب أنفسهم) بصنع جسر من سيارات خاصة لتنقل المصابين وكان تنظيم الشباب لنقل المصابين أفضل من تنظيم الإدارات أنفسها من دفاع مدني وداخلية وأسعاف .! أنقسم الشباب الى قسمين لا ثالث لهما
قسم ينقل المصابين من المنزل وقسم ينظم دور السيارات حتى انهم اهتموا بتفاصيل الأمور بتجهيز المركبة من فتح نوافذها وفتح المكيفات قبل وصول الحالة ونعم أن الأمر دقيق لكي أذكره ولكن دقائق الأمور تدل على وعي الشباب وحبهم لفعل الخير ويجب ان نغرس التشجيع فيهم وذكر جميل فعلهم لأنهم أبطال مجهولين وأبطال موقف .
ملخص ملاحضات :-
1- دور الإطفاء سلبي جدا ويحتاجون الى تدريب وتأهيل ومحاسبة المقصر منهم والقياديين منهم!
2-الداخلية بحاجة إلى تدريب كوادرها للتعامل مع الصدمات فنحن نرى الداخيلة تستخدم مدرعات وآليات لتفريق جمهرة أو مظاهره فلماذا لا نرى الداخلية تفرق المتجمهرين على الحوادث إن كان التجمهر يسبب تأخر وصول الاسعاف والمطافي على حسب زعمهم ولا أقصد المتجمهرين من أهل الحادث أو من يبحث على مصاب أو يريد المساعده.
3-الاسعاف مقصرة بلاشك.
همسة أخيرة :-
تجمهر المئات أمام الحريق من البداية .. فأود أن أوجه لهم هذه الهمسه :-
( تخيل .. أن كل شخص من المتواجدين والمتجمهرين أتى بســطل ماء .. ليدلقه على الحريق )
ماهي النتيجه؟!؟!؟!؟!؟!؟!؟
بالختام
اللهم أغفر لهم وارحهم .. اللهم ليكن هذا الحريق بردا وسلاما عليهن بالآخره
اللهم أجرهن من عذاب النار
اللهم إن شاء الله
هن الشهداء
فأرزقهم ( الفردوس)
نحسبهم كذلك ولانزكي على الرحمن من أحد.
أخوكم / نواف غنيم الزيد