الليلة الثالثة
جاءتنا كما الميعا د00 راويتنا" شهرزاد "00تلك الجميلة ،
فجلست تحت الخميلة ، وكانت ليلة صيفية00 نسماتها
عطرية00 في سمائها بدر00 كأنها ليلة القدر
وصاحبتنا تلبس الديباج والحرير ، والجدول الى جوارها
والغدير
فاعتدلت راويتنا الجميلة00 وسلمت وبسملت ،
وقالت:
كنا قد توقفنا الليلة الماضية عند ذكر أخبار الداهية
والحية الرقطاء المدعو " قفاتورك" وكيف أنه بدل الأفكار
وأحل الأشرار محل الثوار ، ونشر الفجور وبدل الأمور ،
فتغيرت الرعية00 وبلغت بالناس الرزية00 وقلت الأرزاق
وامتلأت الشوارع بالفساق00
وأطلقوا على ما هم فيه من قول معتوه سفيه ،
أنها تدعى الحضارة00 والنخبة المختارة ، وأوحى للعبيد
الذين تخلوا عن الركوع والسجود00 بأن ما هم عليه
وما ذهبوا اليه ، مقلدين الكفار متوغلين في العثار00
أنها ثورة الثوار00 وأنه هو فارسهم المغوار ، وفتن الناس
بحلو الكلام00 ومعسول الآمال والأحلام ، وانتشر الخبر
في باقي الجزر ، فغرر الناس بالجديد00 وجعلوا يحلمون
ويتوهمون ، فرموا من أفواههم الثريد ، وكل قديم لديهم
وكل تليد ، وأكلوا الهمبورجر والسوسيس ، وخلعوا الجلباب
وارتدوا القميص ، وتسرولوا بالسراويل المحزقة00 والبدل الملزقة ،
وأطلقوا شعور النساء ، وخلعوا
عن أجسادهن الكساء ، فصيروهن والناهقات سواء بسواء ،
بل ان الناهقات بأجسادهن جلود و فراء تحميهن من حرارة الشمس
وبرد الشتاء ،وعيون المتلصصين والرقباء0
وأفسدوا العيال00 وحرموا الحلال00 ونشروا بينهم الحرام والضلال
وغشوا في الوزن والمكيال ، وبدلوا جلودهم ، وأغووا بالحرام نساءهم
،وقطعوا الأرحام والأوصال00 واستغنوا بالقبح عن الجمال
وامتلأت الطرقات بذوات الغنج والجمال00 وصرن يذهبن مذاهب الرجال ،
فما عدت تعرف الغادي من الرائح ولا المذبوح من الذابح
وقد غابت القرائح ولست تدري الطالع من النازل
، فقد هجرت المنازل ، وكثرت الملاهي والحوانيت ،
وفقدت النساء سيماء الهوانم بل بدت عليهن خلقة العوالم ،
والرجال يتقصعون00 ويتنطعون00 ولنعم الله ينكرون
و " للدربكات" يحملون وهم في كل واد يهيمون و يلعبون ،
وفيما بينهم يتشاحنون00 وبأشيائهم يتعايرون00 ويتفشخرون ،
فيقول المأفون بن المأفون :
"ما لبست اللبس الا من نسيج حمصاني
والمراكيب التي في قدمي من سختيان
وشراباتي جميعها من حرير أرجواني
ومناديلي من اصناف الجميل البرتقالي
وفنلاتي حرير فرتكوس أزرقاني
وعصاتي سن فيل جلبت من كردفان
وبكفي كل يوم سبحة من كهرمان
ولكفي درهم العنبر بالشيء الفلاني "
وسيارتي الحمراء" همر" أمريكاني
تطو الأرض طيا كالحصان الرهوان
وقد تزوجت من النساء أربعة غوان
فذاك أني قد أوتيت عقلا لم يؤتيه ثان
ناهيك عن قول النساء ، وتفاخرهن بالحذاء وبمخلوع الرداء،
هناك أشياء أربعه
يأتي بها زوجي مشرعة
جميعها من الحيوانات مصنعة
فراء ثعلب أشجعه
وجلد ثعبان ما أروعه
وسيارة خنزيرة واسعه
والحمار الذي يأتي بها
اذا ما جاء ليلا أصفعه
وأجلسه قسرا تحت المقرعة
واذا زار حماتي أسفعه
هكذا فكر النساء الرائعه
ان لم تفعلي يأتي بثانية
ويظل يفعل حتى يضم الرابعه
وأخذوا يوزعون الأوسمة والنياشين00 على المتبرجات والمتنسئين ،
والواصلات والمستوصلين00 والناهقات والناهقين ، وأسموها
هدى شعراوي وأسموه قاسم أمين0
وهكذا انصرف الناس عن الصراط00 وشاعت الفواحش والأغلاط
وهدمت الصوامع والجوامع ، وشاخت القلاع والحصون
وساءت أحوال الآداب والفنون ، وما عاد القوم للغتهم يعرفون ،
بل أخذوا بلغات الأعداء يتكلمون00 وبعشقها يتشدقون ،
ولأفكارهم يعتنقون00 وللهوهم ومجونهم مقلدون ، على أنهم لا يدركون
أن أعداءهم ليسوا على هذا الحال ، ولا يسيرون على ذا المنوال ،
بل كانوا لعدتهم يعدون00 ما استطاعوا من قوة ومن رباط الخيل يجمعون
حتى يجيء اليوم الذي فيه – هم لهم – يرهبون ،
فقد أخذ الأعداء بتعاليم الكتاب00 في مجال الحكمة والأسباب ،
رغم أنهم له كارهون00 ولتعاليمه منكرون00 ولكنهم أدركوا
أنهم به يربحون، فقد كانوا للتاريخ يقرؤون ، ومن التجارب يتعلمون
وللعبر يعتبرون ، وللماضي يتدارسون، ولأسباب حضارة الأجداد
هم يفهمون00 وللكتاب هم يتفحصون00
وهم فيما بينهم لا يكذبون00 ولا يغشون00 وكل يوم هم يبنون00
ويشيدون 0
فصارت تلك الجزيرة التي كانت بها الامارة تبذل الجهد والتوسل00
مستهدفةغايتها وهي التوصل00 لارضاء الخصوم حتى تقبل
مجموعة دول الأعداء أن تضم تلك الجزيرة الى ما أقاموه من اتحاد ،
وهم عنهم معرضون ، وعليهم يتدللون ، وللتغيرات التي لها ينشدون ،
يجبرونهم عليها حتى لهم يقبلون ، وأهل الجزيرة لهم صاغرون ،
فاذا كان ذلك حال جزيرة السلطنة ، فما حال ولايات الميسرة00 والميمنة؟
نبدأ بجزيرة " عصر " وهي قلب السلطنة التي يدخلها الآمنون وتعلو بها
الآداب والفنون ويحكمها " الشراهنة "00 منذ سبعة آلاف سنة00
ويقال00000000000000000000000000
وهنا أدرك شهرزاد الصباح فصمتت عن الكلام غير المباح،
وقالت :
لا أشعر بارتياح00 فأنا أرى من حولنا العيون ترصد الكلام00
والكلام00 يحلق في السماء كما الحمام ، والحمام لم يعد يأتي
برسالات الغرام ،
بل أرى بأقدامه الأصفاد00 فقد أثقله الأوغاد00 بوشايات الحساد00
ولكن غدا لناظره قريب ، وسوف نحكي قصة" العصر"
ونسأل الله العون وأن يبعد عنا الخسر00
( أنتظر منكم المشاركة والرأي وكيف ترون بقية الحكاية التي ليس لها أصل ؟ )