^^^الاترجه^^^
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب,
ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو،
ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر،
ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر"
البخاري (5111، 7121)، مسلم (797) عن أنس عن أبي موسى الأشعري.
ما هي الأترجة؟
ما هو تاريخها؟ وأين موطنها؟
ما أسمائها وما الراجح فيها؟
ما هي القيمة الغذائية والعطرية لها؟
ماذا قال الطب القديم والحديث عنها؟
متى تقدم للأكل ؟
لم خصها الرسول صلى الله عليه وسلم دون غيرها؟
ما هي الأترجة لغوياً ؟
وقع اللغويون في حيرةٍ من أمر الأترجة وتركوها مبهمة.
إذ قال ابن منظور في لسان العرب ، ترج : الأُترُجَّ : معروف أن واحدته تُرُنجه وأترجه .
و حكى أبو عبيده : تُرُنجه وتُرُنج , ونظيرها ما حكاه سيبويه : وَتَرٌ عُرُنْدٌ أي غليظ
و العامة تقول : أُتْرنج و تُرُنج بالضم , ولم يزد الرازي في مختاره عن قوله : ( الأترجة )
و ( الأترج )
بضم الهمزة والراء وتشديد الجيم فيهما ,
وحكى أبو زيد ( تُرُنجة ) و ( تُرُنج ).
ماهو تاريخ الأترج وأين موطنه؟
تاريخه أولاً: عُرف الأترج منذ القدم بواسطة الكاتب اليوناني ( ثيو فراتوس )حوالي (300 ) سنة قبل الميلاد ،
ويحتمل أنه عرفه قبل معرفة أي من أنواع الحمضيات الأخرى بحوالي ألف سنة.
وعرفته مصر منذ غزوات ( تُحُتْمُسْ ) الثالث حيث أحضره معه من الصين
وكان من موائد الملوك والأمراء ، وعرف هذا النوع أيضاً في الهند منذ وقت طويل جداً .
وقيل في تفسير سورة يوسف عليه السلام أن ( زليخا ) امرأة العزيز
لما دعت النسوة إلى مقرها وأعدت لهن ( متكأ ) وأعطت كل واحدة منهن سكيناً
فلما دخل عليهن يوسف عليه السلام قطعن أيديهن ,
جاء في تفسير الجلالين أن المتكأ هنا هو الأترج.
وقال الإمام ابن كثير : قال ابن عباس : المتكأ : هو المجلس المعد فيه مفارش
و مخاد وطعام فيه ما يقطع بالسكاكين كالأترج ونحوه.
وورد ذكر الأترج في كتاب الّلاويين من التوراة : ( تأخذون لأنفسكم ثمر الأترج بهجة )
كما ورد ذكره في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب ...." .
ولشجر الأترج وثمره منظر جميل
و يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يحب النظر إلى الأترج.
وقال مسروق : دخلت على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعندها رجل مكفوف
تقطع له الأترج وتطعمه إياه بالعسل
فقلت لها : ماذا ؟ قالت : هذا ابن أم مكتوم الذي عاتب الله فيه نبيه.
وعرفه العرب منذ القدم وتغنى به الشعراء في شتى العصور ،
ومنهم ( ابن الرومي ) الذي قال فيه في معرض الحديث عن أحد ممدوحيه :
كل الخلال التي فيكم محاسنكـم = تشابهت منكم الأخلاق والخلـق
كأنكم شجر الأتـــرج طاب معكـــم = حمــلاً ونــوراً وطاب العودُ والــوَرق
وكان يزرع في فلسطين حيث اعتبر نبتة طبية عظيمة الفائدة.
موطنه:
ويعتقد أن موطن الأترج الأصلي جنوب وشرق آسيا
ثم انتقلت زراعته إلى منطقة البحر المتوسط وهو ينمو بكثرة في المملكة المغربية
بقرب المياه وهو أقل الموالح تحملاً للبرودة.
أسماء الأترج :
للأترج أسماء عديدة فيسمى في اللغة الفصحى : ( أترج ) و ( أُتْرجة )
و ( أُتْرنجة ) و ( مُتْكْ ) وهو اللفظ الذي ذكر في سورة يوسف
ويعرف في الشام باسم ( كُبّاد ) بالضم أو ( كَبّاد ) بالفتح و ( تُرُنج ) ،
وكذا في الإمـارات ولكن الغالبية تسميها ( شِخاخ ) أو( إِشْخاخ ) ،
وفي مصر والعراق ( أُترج ) كما يسمى ( تفاح العجم ) و ( تفاح ماهي )
و ( ليمون اليهود ) لأنهم يحملونه في أعيادهم.
وعند عامة الفلسطينيين والسوريين يسمى ( بومَلي ) أو ( بومَلة )
ويسمى في لبنان ( موملي )
ويسمى في اليونانية ( ناليطيوس ) أي ترياق السموم.
اسمه العلمي الليمون الفردوسي ,
والاسم العلمي للأترج ( بالإنجليزية ) [ CITRON APAM’S Apple ].
الراجح في نبات الأترج :
يبدو والله أعلـم أن ( الأترج ) جنس شجر من الفصيلة البرتقالية ،
يبلغ طول شجرته من 3-5 أمتار أوراقها لامعة وأزهارها كبيرة متفرقة أو متجمعة في عناقيد,
وهو ناعم الأغصان والورق ، ذهبي اللون " لون ثمره - أي حمضه من الداخل - ذهبي اللون ،
أما لون القشرة فهو إما أخضر أو أصفر" زكي الرائحة ، حامض الماء ،
كبير الحجم ويشبه ( الجريب فروت ) تقريباً في حجمه ,
وهو شجيرة شائكة ذات رائحة عطرية خاصة ،
مركب من قش، وقشره سميك جداً بحيث إنه قد يضمها اللُّب أحياناً إلى حد التلاشي.
ر ولحم وحمض وبزر
القيمة الغذائية و العطرية في الأترج
في الأترج منافع غذائية وهو مركب من أربعة أشياء : قشر ، ولحم ، وحمض وبزر ولكل واحد منها مزاج يخصّه ، فقشره حار يابس ولحمه حار رطب
وحمضه بارد يابس وبزره حار يابس.
يقول العالم إسحاق بن سليمان المعروف (( بالإسرائيلي )) في كتابه الأغذية والأدوية : أما الأترج فمركب من قوى أربع : أحدها في قشره، والثانية في لحمه ، والثالثة في لبه والرابعة في حبه الذي هو بذره .
فأما قشره : ففيه من الحدة ما ليس باليسير ولذلك صار تجفيفه في الدرجة الثانية ويستدل على ذلك من عطريته وذكاء رائحته و حرافته اليسيرة ، فقد تبين ذلك عند الذّوق والشّم جميعاً.
وكذلك من منافع قشره : أنه إذا جعل في الثياب منع السوس ، ورائحته تُصلح فساد الهواء والوباء ، يُطِّيب النكهة إذا أمسكه في الفم ويُحلل الرياح .
وقال ديسقوريدوس : أنه إذا شُرب بشراب كانت له قوة تضاد قوة الأدوية القتّالة .
وأما لحم الأترج الذي بلا قشرة فبارد رطب ، وبرده أقوى من رطوبته ، وفي جسمه كثافة وغلظ وهو لبرده صـار فيه قوة مبردة لحرارة المعدة ، ولغلظه وكثافتـه صـار بطيء الانهضام والانحدار.
أما ماء الأترج فرقيق مائي ليس فيه شيء من الغذاء لأن رطوبته ليس فيها من الجسمانية شيء أصلاً.
ماذا قال الطب القديم عن الأترج؟
قيل أن بعض الملوك الأكاسرة سجن بعض الأطباء، وأمر ألا يقدم لهم من الأكل إلا الخبز وادام واحد، فاختاروا الأترج وسئلوا عن ذلك فقالوا "لأنه في العاجل ريحان ومنظره مفرح، وقشره طيب الرائحة ولحمه فاكهة وحماضه إدام وحبه ترياق وفيه دهن".
ويقول ابن سينا في الأترج "لحمه (لبه) ملطف لحرارة المعدة نافع لأصحاب المرة الصفراء قامع للبخارات الحارة".
وقال الأطباء العرب فيه الكثير حيث قسموه إلى أربعة أصناف: قشر ولب وحمض وبذر ولكل منها منافع وخواص وقالوا إن من منافع قشره انه إذا جفف وسحق ثم جعل بين الملابس أو الفراش منع السوس ورائحته تطيب رائحة الهواء والوباء، ويطيب النكهة إذا امسكها في الفم، ويحلل الرياح، وإذا أضيف إلى الطعام أعان على الهضم. وعصارة القشرة الطازجة تنفع من نهش الأفاعي شرباً، كما ينفع القشر ضماداً على الجروح وإذا احرق قشره بعد جفافه فان رماده طلاء جيدا للبهاق. أما لبه فملطف للمعدة، وحماضه قابض وكاسر للصفراء، ومسكن للخفقان الحار، يفيد اليرقان شرباً، يقطع القيء، ومشه للأكل، يحبس البطن ينفع الإسهال والصفراوي، ينفع طلاءه من الكلف، مقو معدي ويسكن العطش. أما بذره فينفع من السموم القاتلة إذا شرب منه وزن مثقالين مقشراً بماء فاتر، ملين للطبيعة مطيب للنكهة. وقالت طائفة من الحكماء "جمع الأترج أنواعا من المحاسن والاحسان فقشره مشموم، وشحمه فاكهة وحماضه ادام وبذره دهان. وقال ابن البيطار "قوة الأترج تلطف وتقطع وتبرد وتطفئ حرارة الكبد وتقوي المعدة وتزيد في شهوة الطعام وتقمع حدة المرة الصفراء وتزيل الغم العارض منها, وحب الأترج ينفع من لدغ العقارب.
وماذا قال الطب الحديث عن الأترج؟
يستخدم الترنج في الطب الحديث كفاتح للشهية وطارد للرياح ومهضم ومنبه للجهاز الهضمي ومطهر ومضاد للفيروسات وقاتل للبكتريا ومخفض للحمى، ويستخدم كمضاد للبرد والأنفلونزا والحمى ولعدوى الصدر والحنجرة بالميكروبات ويقوي جهاز المناعة. كما يساعد في موازنة ضغط الدم.
متى يقدم الأترج لأكل
لا تصنع من الأترج مأكولات وإنما يستفاد من قشره في صنع مربى لذيذ.
ويقدم الأترج للأكل قبل كل طعام لأنه إن أخذ وسط الطعام أو بعده ولّد حمى غليظة بطيئة الانحلال وأكثر الناس يأكلون الأترج بعسل النحل ليكتسب بذلك عذوبة وطيب طعم ويسرع انحداره وانهضامه ويصلح للأمزجة الحارة.
لمِ خص الرسول صلى الله عليه وسلم الأترجة دون غيرها من الفواكه ؟؟
قد يسأل سائل لم خص الرسول صلى الله عليه وسلم الأترجة دون غيرها من الفواكه التي تجمع بين طيب الطعم والريح وقد تكون أطيب من الأترجة، قال الإمام ابن حجر العسقلاني : قيل الحكمة من تخصيص الأترجة بالتمثيل دون غيرها من الفاكهة التي تجمع طيب الطعم والريح كالتفاحة لأنه يتداوى بقشرها وهو مفرح بالخاصيَّة ، و يستخرج من حبِّها الدهن وله منافع.
وقيل : إن الجن لا تقرب البيت الذي فيه الأترج فناسب أن يمثل به القرآن الذي لا تقتربه الشياطين .
قال: وغلاف حبه أبيض فيناسب قلب المؤمن ، وفيه أيضاً من المزايا، كبرُ حجمه وحسن منظره وتَفْريح لونه ولين ملمسه وفي أكله مع الالتذاذ ؛ طيب النكهة ، ودباغ معدة ، وجودة هضم ، وله منافع أخرى. ا.هـ
وقال العلامة المباركفوري : وجه التشبيه بالأترجة لأنها أفضل ما يوجد من الثمار في سائر البلدان وأجدى لأسباب كثيرة جامعة للصفات المطلوبة منها والخواص الموجودة فيها فمن ذلك كبر جرمها ، وحسن منظرها ، وطيب مطعمها ، ولين ملمسها ، تأخذ بالأبصار صبغةً ولوناً ، فاقع لونها ، تسر الناظرين ، تتوق إليها النفس قبل التناول ، تفيد آكلها بعد الالتذاذ ، وتشترك الحواس الأربع فيها البصر والذوق والشم واللمس.
وقال العلامة العظيم أبادي : الأترجة جامعة لطيب الطعم والرائحة وحسن اللون ومنافع كثيرة ، والمقصود بضرب المثل بها بيان لشأن المؤمن و ارتفاع عمله.
وقال ابن القيم : وحقيق بشيء هذه منافعه أن يُشبَّه به خلاصة الوجود وهو المؤمن الذي يقرأ القرآن ، وكان بعض السلف يحب النظر إليه لمـا في منظره من التفريح.
وقيل في قوله صلى الله عليه وسلم ( طعمُها طيِّبٌ وريحُها طيبٌ ) خصَّ صفة الإيمان بالطعم وصفة التلاوة بالرائحة؛ لأنّ الطّعم أثبت وأدوم من الرائحة
|