بسم الله الرحمن الرحيم
بداية وددنا أن نعرض لأخوتنا وأحبتنا بعضا مما تم انجازه من أبحاث علمية جديدة في ميدان علم الاجتماع البدوي فوقع اختيارنا على واحدة من دراساتنا في تاريخ قبيلة بني لام الطائية القحطانية هذه لقبيلة التي أوشكنا الانتهاء من انجاز دراسة اجتماعية تاريخية سياسية في تاريخها الاجتماعي والسياسي : اقتبسنا منها هذا المقال:
1- قبيلة بنو لام الطائيين :
من هم بنو لام ؟ هناك عدة قبائل عرفت بهذا الاسم...
- فهناك بنو لام الغامدية من حضر غامد ( قبيلة غامد) وهم إخوة لبني عمر وبني كبير, والحمزان, والظافر, والرمادة, والزكلة, والفرزعة(حمد الجاسر معجم قبائل المملكة العربية السعودية ، ج2 ص: 689).
- ( وهناك بنو لام من العوامر من بني شهر من الحجرة في ( المصدر السابق ) السراة.
- وهناك بنو لام من طيء: ولم يبق في نجد أحد من باديتهم التي نزحت إلى العراق في القرن الحادي عشر الهجري, أما في الحاضر كانوا منتشرين في نجد والإحساء وهؤلاء موضوع حديثنا التالي (المصدر ذاته).
ولام هذا هو لام بن عمرو بن طريف, من طيء: جد جاهلي كانت منازل بنيه في بعض أطراف المدينة. ومنهم من دخل في إمرة آل ربيعة من عرب الشام( نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب ، القلقشندي ، بغداد ، 1958، ص: 358).
- وجاء في أنساب العرب ص 163 للأستاذ سمير قطب: ومن بطون بني لام آل ظفير من المغيرة, ومن بطونهم الضمرة وآل عسكر الذين منهم عسكر الخرج, والسوطة بطن من ظفير منهم:
السوطة الذين في عتيبة, وآل ضويحي بطن, والرايسة مشهورة في آل سويط وآل ضويحي. والسعدية بطن من ظفير, وأما السعدي فهم من آل عاصم(4).
- وقال القلقشندي في ( الصبح ) عن بني لام : "بنو لام بطن في القحطانيين" ثم قال: هم بنو لام بن عمرو بن طريف. ثم رفع نسبهم إلى طيء.
- وقد ذكر الحمداني أن بني لام داخلون في إمرة آل ربيعة في عرب الشام. وهم ثلاثة بطون: آل كثير, وآل مغير, وآل فضل.
- آل مغيرة : كانوا في القرن التاسع والعاشر في عالية نجد يرأسهم عجل بن حنيتم , وسكن وادي الشعرى , وهناك قصر أثري في بلد الشعرى لابن حنيتم.
- وأما آل كثير وآل فضل, فيرأسهم ابن عرّوج ومساكنهم في أسافل نجد. ومن بقايا ذريته عجيل والشخيل , آل الشخيل الذين نزحوا إلى جهات الإحساء.
ومن أفخاذهم : آل سليم وجدهم الأكبر موسى الذي انتقل من الإحساء واستوطن مرات في بلدان الوشم ولا تزال ذريته فيها.
2- بطون بني لام:
آل كثير وآل مغيرة والفضول :
- الكثران, و منهم قوم في الرياض, وبعضهم في خريف نعام والمزاحمية ومنهم آل قبلان في عفيف وفيهم بيت الأمارة في آل كثير وبني لام ومنهم الشيخ نايف بن مدرهم بن قبلان الكثيري . ومنهم آل ثاقب في ضرما والمزاحمية والعجاجات في القصيم وضرماء والإحساء وحريملا. ومنهم آل دعيج سكان مرات. يقال أن جدهم ( مانع بن سليمان ) قد وفد إلى الديار المصرية سنة ثلاث وستمئة هجرية, والنسبة إليهم دعيجي .
- ومنهم الشيخ حمد بن علي بن دعيج وكان قاضي ً في الوشم. وقد تفرع من ذريته خمسة أفخاذ, هم آل عبد الرحمن, آل عبد الله, آل دعيج, آل علي, آل محمد.
- ومنهم آل منصور, وآل مسند في ثرمدا, آل محطب في الزبير , آل برخيل , آل شهوا في سدير, آل زامل في جلاجل(سمير عبد الرزاق القطب ، أنساب العرب دار البيان ، بيروت ، 1969، ص: 164).
آل مغيرة : ولهم تفرعات عديدة .
الفضول : ولهم تفرعات عديدة
قوة بنو لام:
وقد كان لبنو لام شوكة في القرن العاشر وأواخر القرن التاسع, تقول إحدى نساء هذه القبيلة من قصيدة شعبية:
مش من العار من بجيش يهيفي
يتلون ابن عروج مقدم بني لام
يا ما انقطع بساقته من عسيفي
ومن فاطر تقلط على الهجن قدام
- ويحدثنا عالم الاجتماع الأول عبد الرحمن ابن خلدون عن قبيلة بني لام وعن شيء من تاريخهم في الجاهلية أثناء حديثه عن طيء. قال " وأما بنو طيء بن أدد فكانوا باليمن وخرجوا منه على أثر الأزد إلى الحجاز ونزلوا سميراً وفيد في جوار بني أسد, ثم غلبوهم على أجا وسلمى وهما جبلان من بلادهم, فاستقروا فيها وافترقوا لأول الإسلام في الفتوحات.
قال ابن سعد : ومنهم في بلادهم الآن أمم كثيرة ملئوا السهل والجبل حجازاً وشاماً وعراقاً, يعني قبائل طيء, وهؤلاء هم أصحاب الدولة في العرب لهذا العهد في العراق والشام ومصر, منهم سنبس والثعالب بطنان مشهوران ومعهم بحتر ..
- قال ابن سعيد: ومنهم بنو لام بن ثعلبة منازلهم في المدينة إلى الجبلين, وينزلون في أكثر أوقاتهم في مدينة يثرب.
(ينقل ابن خلدون عن ابن حزم قوله) , قال ابن حزم:
لام بن طريف بن عمرو بن ثمامة بن مالك بن جدعا, وبجهة بني امين والشام وبنو صخر , ومن بطونهم غزية ... وهم في طريق الحاج بين العراق ونجد... (تاريخ ابن خلدون ، مجلد 2، ص: 529-530).
ومن هذا النص نجد أن منازل قبيلة بني لام الطائية القحطانية كانت قريبة من المدينة وجبلي أجا وسلمى, وأنهم كانوا على الطريق ما بين الحيرة والمدينة وأنهم صالوا وجالوا مدة طويلة من الزمن.
ولا شك أنه قد كانت لبني لام مكانة كبيرة في الجاهلية, وهذه المكانة متعددة الأشكال والجوانب, فمنها المكانة الدينية, والمكانة الحربية , والمكانة الاجتماعية.
ففي الجاهلية كانت قبور السادات والأشراف, وخاصة قبور كبار سادات القبائل تزار, ويذبح عندها (وهذا من الشرك ), ويحلف بها (وانقطعت تلك العادة ) , ويلجأ إليها طلباً للأمان والسلامة, فلا يستطيع أحد التحرش بمن التجأ إلى القبر ولاذ به.
وقد كان لحارثة اللامي أبي أوس بن حارثة , الرجل المشهور قبر يحلف به, ويُذبح عنده, ويلجأ إليه طالب الأمان ( وهذا كله من شرك الجاهلية ) وقد ظل هذا زمناً طويلاً, قال بشر بن أبي خازم الأسدي في معرض هجاء أوس بن حارثة اللامي:
جعلتم قبر حارثة بن لام *** إلاه تحلفون به فجورا ( ديوان ابن بشر ، ص: 91)
وكان النعمان بن المنذر قد جعل لبني لام من طي ربع الطريق طعمة لهم, والطعمة هي المأكلة وهي وفي مصطلحات القبائل : زكاة تأخذها القبائل القوية من القبائل الأخرى . المهم أن النعمان جعل لهم حق الطريق يجبون من المارة جبايتهم فيأخذونها لهم , ولا يعطونها للملك , لأنه كان قد تنازل عن حقه فيها إليهم وكان من عادة الملوك التنازل عن حق جباية الإتاوة عن بعض الأرض أو الطرق لسادات القبائل, تأليفاً لقلوبهم وإسكاتاً لألسنتهم, ولأنهم يعلمون أن نفوذهم على تلك الأرض أو تلك القبائل لم يكن ثابتاً قوياً, بل كان بالاسم فقط , وأنهم لا يتمكنون من أخذ جبايتها , لذلك كانوا يتظاهرون أمام الناس بالتنازل عن حقهم في تلك الضرائب.
- وقد اشتهر أمر بني لام في الجاهلية , وظهر فيهم كثير من الفرسان ومن أشهرهم : كندي بن حارثة بن لام بن عمرو بن طريف بن عمرو بن ثمامة بن مالك بن جدعا بن ذهل بن رومان بن جندب بن خارجة بن سعد بن فطرة بن طيء (أدب الخواص في المختار من بلاغات قبائل العرب ، وأخبارها وأنسابها ، ج1، حمد الجاسر ، الرياض ، 1890، ص: 141.) .
ويوم الردة كان لبني لام موقف خاص وعجيب.
فإنه حين ارتد طليحة الأسدي, وادعى النبوة, وجه النبي صلى الله عليه وسلم ضرار بن الأزور إلى عماله على بني أسد.
ثم جاء الخبر بموت النبي صلى الله عليه وسلم , فاستطار أمر طليحة , وأقبل ذو الخمارين عوف الجذمي الأسدي , وأرسل إليه ثمامة بن أوس بن لام الطائي : إن معي من جديلة خمسمئة , فإن دهمكم أمر فنحن بالقُرْدُوَدَةِ والأَنسر دُوَينَ الرمل .
وأرسل إليه مهلهل بن زيد : إن معي حد الغوث , فإن دهمكم أمر فنحن بالأكتاف بحيال فيد . وإنما تحديث طيء على ذي الخمارين عوف, أنه كان بين أسد وغطفان وطيء حلف في الجاهلية, فلما كان قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم اجتمعت غطفان وأسد على طيء, فأزاحوها عن دارها في الجاهلية . غوثها وجديلتها , فكره ذلك عوف , فقطع ما بينه وبين غطفان , وتتابع الحيان على الجلاء, وأرسل عوف إلى الحيين من طيء , فأعاد حلفهم وقام بنصرتهم , فرجعوا إلى دورهم , واشتد ذلك على غطفان , فقال : ما أعرف حدود غطفان منذ انقطع ما بيننا وبين بني أسد , إني لمجدد الحلف الذي كان بيننا في القديم ( تاريخ الطبري ، ج3، ص: 257-258) .
وكان من أمر ردة طيء ثم عودتها إلى الإسلام , أن طليحة الأسدي أرسل إلى جديلة والغوث أن ينضموا إليه فتعجل إليه أناس من الحيين كما ذكرنا , فخرج إليهم خالد بن الوليد , إلى آجا , وقدم عليهم عديّ بن حاتم, فعاد بإسلامهم إلى خالد , وارتحل نحو الأنسر يريد جديلة , فقال له عديّ: إن طيّاً كالطائر , وإن جديلة كأحد جناحي طيء , فأجلني أياماً لعل الله أن ينتقذ جديلة كما انتقذ الغوث , ففعل , فأتاهم عدي , فلم يزل بهم حتى بايعوه فجاء بإسلامهم ولحق بالمسلمين منهم ألف راكب ... (المصدر السابق ، ج3 ، ص: 254) .
والجود والكرم في قبيلة طيء يضرب به المثل , فيقال : ( جود طيء ) وذلك لكون حاتم الطائي وأوس بن حارثة ابن لا م منهم وهما آيتان في الجود والكرم , قال أبو تمام الطائي :
لكلٍّ من بني حوّاء عذرٌ **** ولا عذرٌ لطائيّ لئيم
ويروى أن أوساً وحاتماً وفدا على عمرو بن هند , فدعا أوساً , وقال له : أنت أفضل أم حاتم؟ فقال : أبيت اللعن . لو ملكني حاتم وولدي ولحمتي لوهبنا في غداة واحدة .
ثم دعا حاتماً , فقال له : أنت أفضل أم أوس ؟
فقال : أبيت اللعن , إنما ذكرت بأوس , ولأحد ولده أفضل مني , فقال عمرو:
" والله ما أدري أيكما أفضل . وما منكما إلا سيد كريم ".
ومن محاسن أوس أن النعمان بن المنذر دعا بحلة نفيسة وعنده وفود العرب من كل حيّ , وفيهم أوس , فقال لهم : احضروا غداً , فإني ملبس هذه الحلة أكرمكم فحضر القوم إلا أوساً , فقيل له : لم تتخلف ؟ فقال : إن كان المراد غيري فأجمل الأشياء بي ألا أكون حاضراً , وإن كنت المراد فسأطلب , فلما جلس النعمان ولم ير أوساً , قال : اذهبوا إلى أوس , فقولوا له : احضر آمناً مما خفت , فحضر فأُلبس الحلة , فحسده قوم من أهله فقالوا للحطيئة : اهجه ولك ثلاثمئة ناقة , فقال : كيف أهجو من لا أرى في بيتي أثاثاً ولا مالاً إلا من عنده . ثم قال:
كيف الهجاء وما تنفك صالحة *** من آل لأم بظهر الغيب تأتيني .(ديوان الحطيئة ، ص83) .
فقال لهم بشر بن أبي خازم : أنا أهجوه لكم , وفعل فأخذ الإبل , فأغار أوس عليها واكتسحها وطلبه , فجعل لا يستجير حياً من أحياء العرب إلا قالوا له : " قد أجرناك من الإنس والجن إلا من أوس" فكان في هجائه إياه ذكر أمه , فلم يلبث إلا يسيراً حتى أتى به أسيراً , فدخل أوس إلى أمه واستشارها في أمره , فقالت : أرى أن ترد عليه ماله , وتعفو عنه وتحبوه , وأفعل أنا مثل ذلك , فإنه لا يغسل هجاءه إلا مدحه , فأخبره بما قالت , فقال : لا جرم . والله لا مدحت أحداً حتى أموت غيرك ففيه يقول:
إلى أوس بن حارثة بن لأم *** ليقضي حاجتي فيمن قضاها
وما وطئ الثرى مثل ابن سعدى *** ولا لبس النعال ولا احتذاها . 0 الثعالبي النيسابوري ، ثمار القلوب ، القاهرة ، دار النهضة ، مصر ، 1965، ص: 118) .
وقد امتلأت كتب الأدب والتاريخ بأخبار أوس بن حارثة بن لأم الطائي هذا , وحفلت بذكره كتب المعمرين , وذكروا له مواقف حميدة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم , مما يدل أنه كان علماً كبيراً وفذاً بين أقرانه من سادات العرب في الجاهلية وصدر الإسلام.
ففي تاريخ المظفري أتى أوس بن حارثة بن لام الطائي إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فقال: ابسط يدك . قال : على ماذا ؟ قال : على أن أشهد ألا إله إلا الله غير شاك , وأنك رسول الله غير مرتاب , وعلى أن لا أضرب بهذا – وأشار إلى سيفه – من أمرتني , فقال : أحسنت بارك الله عليك .
وابنه خريم بن أوس صاحب النبي صلى الله عليه وسلم .
ولعل أوسا عمّر إلى أن أدرك الإسلام . قال ابن حجر : ثم رأيت في جمهرة ابن الكلبي أن أوس بن حارثة عاش مئتي سنة . وذكر أبو مخنف لوط بن يحيى في كتاب : المعمرين ( للسجستاني ، ص 46 ) أن أوس بن حارثة المذكور عاش مئتي سنة حتى هرم , وذهب سمعه وعقله , وكان سيد قومه , فرحل بنوه وتركوه في عرضهم حتى هلك فيها ضيعة , فهم يسبّون بذلك إلى اليوم , وفي ذلك يقول الأسحم بن الحارث بن طريف بن عمرو بن ثمامة بن مالك بن جدعاء الطائي:
أتاني من المحلة أن أوساً *** على لحمان مات من الهزال
تحمل أهله واستودعوه *** كساء من نسيج الصوف البالي (ابن حجر العسقلاني ، الأصابة ؛ ج1، ص: 147) .
وكان لأوس هذا أخ كبير المقام والشأن اسمه سعد بن حارثة ابن لام , وكان الملك النعمان قد أصهر الأخوين معاً ( سعد و أوس) , فقد تزوج فرعة ابنة سعد بن حارثة بن لأم , كما تزوج زينب ابنة أوس بن حارثة بن لأم.
جاء في تاريخ الطبري : أثناء الحديث عن طلب كسرى للنعمان . وخوف النعمان من القتل جعله يستعد ويتوقع لقاء كسرى , حتى أتاه كتابه: أن أقبل فإن للملك إليك حاجة , فانطلق حتى أتاه كتابه فحمل سلاحه , وما قوي عليه , ثم لحق بجبلي طيء.
وكانت فرعة ابنة سعد بن حارثة بن لأم عنده , وقد ولدت له رجلاً وامرأة ( وهي المسماة بماء السماء ) وإليها ينسب ولدها المنذر ابن ماء السماء , وقد سميت بماء السماء تشبيهاً بها في الحسن والصفاء والطهارة , وفي رواية أن أمه من النمر بن قاسط , وأبوها عوف بن جشم (ثمار القلوب ، النيسابوري ، 1965، ص: 562) . وكانت أيضاً عنده زينب ابنة أوس بن حارثة , فأراد النعمان طيئاً على أن يدخلوه بين الجبلين ويمنعوه . فأبوا ذلك عليه.
4- بنو لام في القرون الوسطى :
تظهر أخبار بني لام منذ القرنين الخامس والسادس ضمن حلفاء آل فضلويتبين لدى الباحث أن الفضول من بني لام ويجتمعون في طيء ( أحلاف آل فضل ومساكنهم ، مجلة العرب ، حمد الجاسر ، ج11/12، 1404هـ ص: 18.) .
وكانت إمارتهم منتشرة من مدينة حمص غرب سوريا إلى أقصى الشرق الشمالي ، وهو قلعة جعبر على الفرات 45 كلم عن مدينة الرقة .
ثم تمتد جنوبا إلى رحبة مالك بن طوق في الميادين ، 45 كلم شرق مدينة دير الزور ، ويستمر الامتداد جنوبا وفق تعرجات نهر الفرات .
ويتحدث ابن فضل الله العمري القرشي ( 700-749هـ ) في كتابه مسالك الأبصار عن بني لام (....) فيقول: هم من عرب الحجاز وديارهم جبلا طيئ .
وفي القرن الثامن اشتدت شوكة بني لام في نجد ودخلت تحت سيطرتها كثير من القبائل العربية .يقول ابن فضل الله العمري : وهو يعد القبائل التي دخلت تحت امرة بني لام : بني خال آل جناح والضبيات من مياس والجبور والدعم والقرشة وآل منيخر وآل بشوت والمعامرة والعلجات .
غير أن بني خالد هؤلاء ما لبثوا ان سيطروا على وسط نجد وشرق الجزيرة . فنجد الشاعر جعيثن اليزيدي يرثي مقرن بن اجود بن زامل وهذا من الجبور من بني خالد فيقول :
و(نجد)رعا ربعي زاهي فلاتها ** على الرغم من سادات (لام) وخالد
وسادات ( حجر ) من (يزيد) و(مزيد) * قد اقتادها قود الغلا بالقلايد .
ويضهر أن امتداد بني خالد في عنيزة كان بعد القرن التاسع الهجري بزمن يسير، انه يتبن أن النفوذ على هذه البلدة كان لبني لام كما بفهم من خبر اورده مؤرخ مكة العلامة تقي الدين الحسني الفاسي قال : ( في سنة 822 توجه العلامة ابن الجزري من شيراز مريدا للحج فعرض له بنو لام بقرب عنيزة فنهبوا ما معه من التحف التي اسطحبها معه هدية لأعيان اهل الحرمين ... ) ( مجلة العرب ، حمد الجاسر ، ،ج6، مجلد 5، ص: 580 بتصرف يسير ) .
وحين جاء القرن العاشر كان بنو لام في نجد قد هاجروا الى العراق ولم تكن شوكتهم قد ضعفت أو لانت إلى وقت متأخر وفي العصر الحديث كانت قبائل بني لام ملاذا لكثير من الثائرين :
فعندما ثار محمد الكهية في العراق ورفضت العديد من القبائل ايوائه وحمايته لاذ بقيلة بني لام فمنحته الحماية والأمان والسلامة .
5- زوجه الإمام محمد بن سعود
الأميرة موضي بنت سلطان أبو وهطان الكثيري اللامي :[
وقبل قيام الدولة السعودية الأولى عام 1157هـ حينما تأمَر الإمام محمد بن سعود على الدرعية، كان شيخ آل كثير اللامي هو سلطان آل عساف المُكنى بابي وهطان وله ابنة عرفت بسداد الرأي ورجاحة العقل أسمها موضي بنت سلطان أبو وهطان الكثيري فشاء الله تعالى أن يتزوجها الأمام محمد بن سعود رحمه الله ، وقد وصفها ابن بشر بأنها : ( ذات عقل ودين ومعرفة وقالت للإمام : إن هذا الرجل ساقه الله إليك وهو غنيمة فاغتنم ما خصك الله به فقبل قولها .( عنوان المجد في تاريخ نجد، عثمان بن بشر، تحقيق عبدالرحمن آل الشيخ، طبعة الدارة ، ج1 ، ، ص:41) .
وقد أطلق الأستاذ أمين الريحاني عليها لقب : الخديجة في كتابه ( تاريخ نجد الحديث) الذي ألفه للملك عبدالعزيز وقرأه عليه وبعضه مأخوذ عن الملك عبدالعزيز رحمه الله .
أما تشبيه الريحاني للأميرة موضى الكثيري في موقفها بموقف أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها في تثبيت رسول الله ( وتطمينه بأنه على الحق وأنّ الله لن يخذله وسينصره فهو للتقريب لا للمساواة، وإلاّ فأم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها لها قصب السبق على كل امرأة فقد سبقت من قبلها وأتعبت من بعدها فهي ممن أرسى قواعد الإسلام رضي الله عنها وأرضاها، فأنى لأحد أن يدركها.
يقول الريحاني :
( رحل المصلح إلى الدرعية فكانت الهجرة الثالثة وهو في الثانية والأربعين من سنه. وقد نزل هناك ضيفاً على أحد تلاميذه أحمد بن سويلم، فتهافت عليه الأنصار وبالغوا في إكرامه - ثم ذكر الريحاني أن محمد بن سعود رحمه الله تردد في مقابلة الشيخ والصحيح ما ذكره ابن بشر وابن خميس أن أنصار الشيخ وسطوا زوجته وأشار عليه أخواه ثنيان ومشاري بنصرته - قال الريحاني : ( وكانت زوجته الأميرة موضي بنت أبي وهطان من آل كثير من النساء العاقلات النبيهات، فأخبراها ( يعني ثنيان ومشاري بن سعود ) بما يدعو الشيخ إليه وبما ينهى عنه، فارتاحت إلى ذلك ووعدتهما خيراً. وهذا ما يدل على ما للمرأة حتى داخل الحريم ووراء الحجاب من التأثير الطيب اللهم إذا كانت عاقلة، وعالمة بشؤون الأمة. قالت هذه : الخديجة الفاضلة لأميرها ابن سعود: إن هذا الرجل ساقه الله إليك وهو غنيمة فاغتنم ما خصّك الله به. فقبل قولها) .
والأميرة موضي بنت أبي وهطان الكثيري هي زوجة الإمام محمد بن سعود وأم أبنائه :
يقول ابن بشر (2/298): ( وأما محمد بن سعود فخلف عدة أولاد منهم فيصل وسعود اللذان قتلا في حرب ابن دواس سنة ستين وماية وألف، ومنهم الاثنان الشجاعان اللذان نصر الله بهما الإسلام وبعقبهما وهما : عبدالعزيز وعبدالله، ولازالت الولاية في صالح عقبهما إلى انتهاء الزمان) .
ولما رحل آل كثير وحالفوا آل ظفير ، بقي منهم عوائل عديدة تحمل اسم آل كثير في الرياض والخرج وعفيف والحريق وضرمة و...
وقد قال الشاعر أبو الطمحان حنظلة بن الشرفي القصيدة التالية :
إذا قيل قيل أي الناس خير قبيلة ** وأصبر يوما لا تواري كواكبه
فإن بني لام بن عمرو أرومة ** سمعت فوق صعب لا تنال مراقبه
أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم *** دجى الليل حتى نظم أجذع ثاقبة (بلوغ الأرب في معرفه أحوال العرب، للسيد محمود شكري الألوس)
نايف بن مدرهم الكثيري
6- شيخ آل كثير وبني لام هذه الأيام :
في صيف سنة 2001م حضر إلى قصر صاحب السمو الأمير سعود بن محمد بن عبد العزيزفي مدينة الطائف – الحوية - رجل بهي الطلعة وسيم الشكل حسن المكلم ذكي الفؤاد تم التعريف به من قبل كبير خويا صاحب السمو الأمير سعود بن محمد ويلقب ( ابو دحيم ) بأنه : نايف بن مدرهم الكثيري شيخ قبيلة آل كثير اللامية الطائية القحطانية .
وحينها شاهدنا احتفاء صاحب السمو الأمير سعود بن محمد آل سعود بضيفه احتفاءاً شديدا كعادته في إكرام كل عزيز يزوره وهذه من عوائد صاحب السمو الأمير سعود بن محمد حفظه الله ورعاه . و حينها وصفه صاحب السمو للحضور في مجلسه بقوله: ( نايف من خيرة الرجال فاحرصوا عليه ) وهذه جملته المشهورة في ذلك الرجل .
وللأمانة التاريخية نذكرهذه الكلمات في حق هذا الرجل الذي قابلناه في قصر صاحب السمو الأمير سعود بن محمد آل سعود بتاريخ 15/11/2001 م وكان بشوشا متواضعا في إجابته على العديد من أسئلتنا :
- اسمه ونسبه : هو نايف بن مدرهم بن قبلان بن جعفر الكثيري اللامي القحطاني شيخ قبيلة آل كثير وبني لام . ولد في عفيف سنة 1970 ، و أخواله الروقة من قبيلة عتيبة .
- وقد عُرف عن الشيخ نايف كل عمل إنساني محمود فهو يرعى أمور قبيلته رعاية تامة ويستقبل في مجلسه كل من يطرق بابه .
- ويمتلك مكتبة علمية تاريخية تراثية خاصة ثرية بمحتوياتها النفيسة . فهو صاحب اطلاع واسع في أخبار القبائل وأنسابها وقد رأينا موسوعته المعرفية أثناء مناقشاته العديدة مع صاحب السمو الأمير سعود بن محمد آل سعود حفظه الله ورعاه من كل مكروه وأطال في عمره .
ويُعرف الشيخ نايف بكرمه الحاتم فكيف لا وهو سلسل أوس بن حارثة اللامي .
وقد قيل في شخصه العديد من القصائد الشعرية نورد بعضا مما وصل إلينا منها وفقا لما يلي :
قصيدة الشاعر جمل المرشدي :
مدحت لي ناس يالله لا تحافيني * والمدح يا سعود لابن مدرهم لحاله
شيخ فعوله مرجحة الموازيني * ليا كبر حمل غيره عنه يشتاله
يوك أكثر الناس لا دنيا ولا ديني * لو تعجبك سكبته فاللبشت وعقاله
ولا الكثيري من رجال مسميني * شيخ يقول ويطول ويمي القاله
أقولها وأعرف الأقصى والأدنيني * ومدحت نايف وامدح افعاله
شيخ يحل الصعاب بخاطر زيني * ويمناه غيث على الملهوف من ماله
هتان جودة مثل وبل الواديني * جزل العطايا عسى الله يكثر أمثاله
غنيت والشيخ ابن قبلان يوحيني * ولو ان ما هو كفو ما أحد تعناله
مدحي لمثله مع أهل العرف يكفيني * يستاهل المدح دق المدح وجلاله
يفداه منهو يرابي بالملاييني * ويفداه منهو يحسب العز برياله
آمين يا من له عباده ملبيني * قلتله وغيري من الشعار قواله .
قصيدة الشاعر زبن بن برجس العتيبي :
سر يا قلم واكتب حسينات الأمثال * هات المعان الطيبة واكتسبها
اكتب بيوت الشعر مثقال مثقال * وابعد عن النفس الحزينة لهبها
حيثه موجه للذي دوم بالبال * للي خواله فيه تكتب أعذبها
اكتب كلام الصدق ماني بزلال * ما همي قول تقوله ازلبها
(نايف) له العليا له الدوم منزال * تنشر له البيضاء بعالي قببها
راع الكرم والجود للخير دلال ** قولة نعم محد بدونه حجبها
في مجلس تلقى به البن بدلال ** واذناب حيل للنشامى جذبها
ما قلتها لي قصد لو كان بريال ** مير الرجال الطيبة نحتسبها
وتصحيح هرجة قايل القيل والقال ** اللي تكلم فوق راسه نكبها
نقالة النمة خبيثين الأفعال ** هاذيك ينقلها والاخرى شذبها
لو عشت تحت الشمس عاري بلا ظلال** ثوب العواري ما نسب لي نسبها
...
هذاك ماله مجلس عند الأبطال ** كود العذارى مسكنه في جعبها
بديت يوم السين باديٍ بالاسواق** وحاربت يوم الجيم عندي كتبها
قصيدة الشاعر غازي الصلال الفضلي :
يا بن مدرهم يا زبون المقاصير ** يا حر يالي تفعل الطيب يمناك
الله يعزك يا ربيع المسايير ** يالقرم يلي نايفـــات سجاياك
عساك يا نايف على العز والخير** واطلب عسى دايم على الرشد ممشاك
يا راعي الشيمة وملفا المناعير ** جعل الردايا كلهم من فداياك
حيثك عديم ولا تحسب المخاسير ** يا حر يلي ماكر الطيب مجناك
عندي لمن مثلك وقارا وتقدير ** أهل العلوم الغانمة مثل شرواك
اللي بهم حكمة وعرف وتدبير ** أما نفعك ولا على الخير دلاك
لك لابتاً يوم الحرايب مساعير ** عيال الكثيري مطوعت حمر الأتراك
عاداتهم يثنون خلف المظاهير ** رجالهم يا رد على حوض الإدراك
الله يوفقكم لحسن التدابير ** ويعل دايم منهج الطيب مسعاك
وصلاة ربي عد ما غرد الطير ** على الذي أرسل إلى سبع الأفلاك
**************
د. إسماعيل السلامات
باحث في شؤون وقضايا المجتمع البدوي
منقووووول
من منتدى قبيلة عنزة
سجل لمشاهدة الروابط
مقاله الدكتور/ أسماعيل السلامات عن بني لام
العرض العادي
المواضيع المتشابهه
