العمارية - العطفة
العمارية بنت يعدّ لها قتب في (هودج) ، يقال له (العطفة)، وهو حصار يزين لها بأنواع الزينة، والبنت في الغالب تكون من أعز بنات القبيلة، بنت الشيخ، أو العقيد، ومن جميلات البنات الأبكار، وفيها همة ونشاط، تحث القوم وتحرضهم على القتال، وإذل رأت منهزماً عنفته، وطلبت اليه أن يعود لنصرة اخوانه وان لا تذل النساء بيد الأعداء والعادة، أو العودة الى القتال كثيراً ما تؤدي الى انتصار المغلوبين بسبب ما يبدونه من استماتة، وشمر أهل العادة، ولهم الشهرة فيها...
وهذه البنت تفرع (تكشف رأسها)، وتتدلع، وتنخى القوم وتشوقهم على القتال، وتكون من العارفات برجال الحي وأوصافهم المقبولة، ومزاياهم ، تمدح في مواطن المدح، وتحض على الحرب...! ولما ان ترى رجوعاً في الرجال، وغلبة طرأت، أو كسرة عرضت تستحثهم على العودة، فلا يطيقون الصبر على لائمتها وعتابها، أو تقريعها، تشجع وتعيد المنهزم، تستعيده فيستميت القوم في القتال...! وكثيراً ما يناضل الأبطال عنها وهي تقصد العدو، وتتقدم اليه، ليكون الحرب أشد وأقوى...! وبسبب هذا التشجيع والتثريب لمن ترى منه ضعفاً يعود القوم الكرة...
ولهذا نرى بني لام يسمونها (العيادة) باعتبار انها تدعوهم الى العودة وتعتلي بيتاً أو محلاً بارزاً، وتصرخ بهم قائلة: العودة! العودة! أو العادة، العادة! عليهم! عليهم! وعلى كل حال تعرف بـ العمارية أيضاً، تسوق ناقتها الى الأمام بأمل أن ينقذونها، وأن يتقدموا نحو أعدائهم، ويتفادوا في سبيل خلاصها...! ومثل هذه تكون صاحبة جنان قوي لا تهاب الموت، وكثيراً ما تصاب قبل كل أحد، ويقصدها العدو خشية أن تشجع القوم، وتجعلهم في حالة استماتة وتفاد عظيم في الدفاع...! وهذه عادة قديمة في البدو، ولم تكن من عوائد هذه الأيام، ولا دخيلة في العرب، وإنما هي موجودة من زمن الجاهلية :
يقدن جيادنا ويقلن لستم = بعولتنا اذا لم تمنعونا
وغاية ما ينتفع من هذه العمارية، أو العماريات حينما يشعر القوم بضعف، أو قلة في العدد، وخور في العزائم، فيركن النساء الى ما يشجع ويقوي العزائم..