بريطانيا وموقف بني لام
تعهدات بريطانية
وكان الشيخ خزعل في جميع مراحل الاحتلال عونا للانكليز في حربهم في المنطقة متجاهلا الرأي العام في امارته فوضع جميع ممتلكاته واتباعه بإمرة جيوش الاحتلال واشترك في القضاء علي كل حركة تمرد في منطقته مناوئة لاصدقائه الانكليز، وقام بذلك لقاء تأكيد بريطاني وجهه له في 21 تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1914 ممثل بريطانيا في الخليج جاء فيه ؛ لقد امرتني حكومة صاحب الجلالة ان اقدم لسعادتكم مقابل هذه المساعدة القيمة وعدا باننا اذا ما نجحنا وسننجح باذن الله فاننا لن نعيد البصرة الي الدولة العثمانية ولن نسلمها لهم ابدا، وفوض الي ان اؤكد لكم بصورة شخصية وفي هذا الكتاب بان حكومة صاحب الجلالة مهما طرا من التبدل علي شكل الحكومة الايرانية، وسواء اكانت هذه الحكومة ملكية مستبدة ام دستورية مستعدة لان تمدكم بالمساعدات اللازمة للحصول علي حل يرضيكم ويرضينا معا اذا تجاوزت الحكومة الفارسية علي حدود اختصاصكم وحقوقكم المعترف بها، او علي اموالكم الموجودة في فارس، كذلك فستبذل اقصي جهدها في الدفاع عنكم تجاه اي اعتداء او تجاوز يأتي اليكم من دولة اجنبية علي دائرة اختصاصكم وحقوقكم المعترف بها او علي سلامة اموالكم الموجودة في ايران، هذه التأكيدات معطاة لكم ولخلفاءكم من الذكور من صلبكم وتبقي ابدا معمولا بها ما دمتم انتم وخلفاؤكم قائمين بواجباتكم نحو الحكومة الايرانية، علي ألا يرشح احد خلفائكم الذكور الي الحكم الا بعد اقتراح رأي حكومة صاحب الجلالة البريطانية بصورة سرية وموافقتها علي ذلك، وان تستمروا وخلفاءكم تابعين الي مشورة حكومة صاحب الجلالة وتتخذوا موقفاً مرضيا ازاءها.
وفضلا عن ذلك فستبقي بساتين النخيل العائدة لكم في الجانب التركي من شط العرب كلها تحت حيازتكم وحيازة ورثتكم معفاة من الرسوم.
ولقد ظهر في عربستان ــ والحرب قائمة ــ اتجاه نحو العطف علي دولة الخلافة الاسلامية، وقد رفعت اصوات في النجف وكربلاء بوجوب الجهاد والوقوف بوجه الاجنبي الكافر ، وتأثرت قبائل المنطقة بتلك الدعوة، لارتباطهم المذهبي مع مجتهدي الشيعة هناك، واستغل الاتراك ــ اعداء الامس ــ هذا الشعور فيهم فأججوا نيران عواطف العشائر واجتذبوهم نحوهم، وتمكنوا من التأثير عليهم، والمعروف انه كان يصحب القوات العثمانية التي احتلت الحويزة بقيادة محمد فاضل باشا الداغستاني كثير من رؤساء العشائر في المنطقة منهم الشيخ عناية بن ماجد رئيس قبيلة ربيعة والشيخ قاسم بن علي رئيس عشيرة الزركا والشيخان عرفي بن مهاوي وعاصي بن شرهان رئيسا قبيلة بني طرف والشيخ غضبان البنيان رئيس قبيلة بني لام اضافة الي نفر من علماء الدين، من ابرزهم نجل السيد كاظم اليزدي، المرجع الأعلي للطائفة الشيعية يومئذ وقد انتشر هؤلاء وغيرهم من المجاهدين في اطراف الحويزة وعزموا علي احتلال الاحواز، واعلنوا الثورة ضد الانكليز وحليفهم الشيخ خزعل .
وفي 26 كانون الثاني (يناير) سنة 1915 اخبر الجنرال باريت حكومة الهند بتقدم قوة تركية مع متطوعين من بني لام وبني طرف نحو الاحواز، وهي تستهدف حقول النفط في عبادان، وطلب الجنرال باريت نجدات لتلافي هذا الخطر، وأرسل في 29 كانون الثاني (يناير) ثلة من قواته لحماية الاحواز بالتعاون مع الشيخ خزعل واتباعه، ولكن المتطوعين يساندهم الاتراك تمكنوا في 18 شباط (فبراير) من انزال خسائر لم تتوقع بالقوات البريطانية اذ كبدوها خسائر في الارواح تقدر بثلاثمائية قتيل، اضافة الي عدد كبير من الاسري. واستولوا علي قسم من المعدات، واستطاع فريق من الثوار نسف انابيب النفط في مسجد سليمان واشعلوا فيها النيران، الامر الذي اوقف ضخ النفط الي عبادان ولكنهم اخفقوا في الوصول الي مصافي عبادان حيث كانت الحماية عليها محكمة.
من مما كتب :
د. مصطفي عبد القادر النجار ( الزمان ) 13/4/2009
|